مناسك الحج والعمرة
(عمرة التمتع وحج التمتع)
====================================================
إذا توفرت جميع شرائط الحج أو العمرة كالاستطاعة المالية والبدنية والطريقية وغيرها من الشرائط المذكورة في الرسائل العملية على وجه التفصيل وجب على المكلف الحج أو العمرة.
ونحن هنا نحاول الإشارة إلى كل مناسك الحج والعمرة على وجه الإجمال لا التفصيل
أقسام الحج
ينقسم الحج إلى ثلاثة أقسام هي: تمتع وإفراد وقران. أما حج الإفراد وحج القران فهما يجبان على أهل مكة ومن لا تزيد المسافة بين بيته وبداية البيوت بمكة المكرمة على (88) كم.
وأما حج التمتع فهو الواجب على من يبعد سكنه عن مكة المكرمة بما يزيد عن (88) كم ويجب فيه تقديم العمرة على الحج.
وهذا أي (حج التمتع) هو الذي يهم الأعم الأغلب من الحجاج لذا فسنقتصر في الحديث عليه.
العمرة أو عمرة التمتع
وتجب في عمرة التمتع أمور خمسة هي:
الإحرام
من أحد المواقيت الخمسة التي هي:
1- مسجد الشجرة (أبيار علي عليه السلام – ذو الحليفة) وهو ميقات أهل المدينة المنورة ومن جاء عن طريقها.
2- قرن المنازل، وهو ميقات أهل الطائف ومن جاء عن طريقها.
3- الجحفة، وهو ميقات أهل الشام ومصر والمغرب ومن جاء عن طريقها.
4- يلملم، وهو ميقات أهل اليمن ومن جاء عن طريقها.
5- العقيق، وهو ميقات أهل نجد والعراق ومن جاء عن طريقها.
بعد الإحرام يأتي بالطواف ثم صلاة الطواف ثم السعي ثم التقـــصير.
فإذا أحرم المكلف ثم أدى الأمور المتقدمة خرج من إحرامه وحلّت له الأمور التي حرمت عليه بسبب الإحرام.
وبذلك ينتهي المكلف من العبادة الأولى في حج التمتع وهي (العمرة) أو (عمرة التمتع).
فإذا قرب اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام تهيأ لأداء وظائف العبادة الثانية وهي (الحج) أو(حج التمتع).. وبذلك ينتهي الحاج من حجته ليعود كما ولدته أمه نقياً طاهراً.
بعد الوصول إلى المدينة المنورة (أو غيرها من مواضع الإحرام السابق ذكرها) وقضاء بعض الأيام فيها لأداء أعمال الزيارة للاماكن المقدسة وأولها المسجد النبوي (صلى الله عليه واله) المطهر ومقبرة البقيع وغيرها من الأماكن المقدسة، يستعد المعتمر للذهاب إلى أحد المواقيت المتقدم ذكرها (كمسجد الشجرة على طريق المدينة – مكة ، أو قرن المنازل على طريق الطائف – مكة) ليبدأ الإحرام منه لدخول مكة المكرمة.
وهذه إحدى الكرامات التي حبا الله بها هذه البقعة المباركة حيث لا يجوز لغير أهلها والعاملين فيها من الدخول إليها إلا بالإحرام.
لذا يغتسل المعتمر غسل الإحرام (وهو مستحب مؤكد عند أغلب الفقهاء ، ولكنه واجب عند بعضهم كالشيخ يوسف البحراني قدس سره) وكيفيته كغسل الجنابة إلا في النية حيث يغسل الرأس مع الرقبة ثم يغسل الجانب الأيمن ثم الجانب الأيسر بنية غسل الإحرام.
وواجبات الإحرام ثلاثة هي: النية، ولبس ثوبي الإحرام (للرجل)، والتلبية.
1 – النية: ويكفي فيها القصد في النفس مع القربة والإخلاص بلا حاجة إلى التلفظ. وإذا أراد المكلف التلفظ بالنية فيمكنه أن يقول: أحرم لعمرة التمتع لحج التمتع قربة إلى الله تعالى .
2 – لبس ثوبي الإحرام: وهما إزار ورداء وفق الطريقة المألوفة في لبسهما. وليلبسهما الرجل قبل النية والتلبية. أما النساء فيمكنهن الاحرام بثيابهن العادية.
3 – التلبية: ويجزي فيها أن يقول: لَبيّكَ اللّهمّ لَبيّكَ، لَبيّكَ لا شَريكَ لَكَ لَبيّكَ، إنَّ الحَمد والنِعمةَ لَكَ ، والمُلكَ لا شَريكَ لَكَ لَبيّكْ.
وعلي المكلف أن يؤديها على الوجه العربي الصحيح دون الملحون مع القدرة على الصحيح ولو بالتعلم.
والأفضل أن يضيف للتلبية ما يلي: لَبيّكَ ذَا المعارجِ لَبيّكَ، لَبيّك داعياً إلى دارِ السَّلام لَبيّكَ، لَبيّكَ غَفّارَ الذُنوبِ لَبيّكَ، لَبيّكَ أهلَ التَلبيةِ لَبيّكَ، لَبيكَ ذَا الجلالِ والإكرامِ لَبيّك، لَبيّك تَبدأ والمَعادُ إليكَ لَبيّكَ، لَبيّك تستغني ويُفتقرُ إليكَ لَبيّك، لَبيّك مَرغوباً ومَرهوباً إليك لَبيّك، لَبيّك إلهَ الحقِّ لَبيّك، لَبيّك ذَا النعماء والفَضل الحَسن الجَميل لبيّك، لبيّك كَشّاف الكربِ العِظامِ لَبيّكَ، لَبيّك عَبدُكَ وابنُ عَبدَيكَ لَبيّك، لَبيّك يا كريم لَبيك . ويستحب ان يضيف اليها هذه التلبيات: لبيّك أتقرّبُ إليكَ بِمحمّد وآلِ مُحمّد لَبيّك، لَبيّك بِحجة أو عُمْرة لَبيّك، لَبيّك وهذه عُمْرةُ مُتعة الى الحجّ لَبيّك، لَبيّك أهلَ التلبيةِ لَبيّك، لَبيّك تَلْبية تَمامُها وَبلاغها عَليك.
ويستحب الإكثار من التلبية ما استطاع كما يستحب تكرارها عقب كل فريضة وعند الركوب والنزول والصعود والهبوط وعند السحر وأن يجهر الرجال بها (هذا عند الأكثر وعند البعض يجب الجهر بها على الرجال) دون النساء حتى إذا شاهد المحرم موضع بيوت مكة القديمة قطع التلبية.
1 – لا ينعقد إحرام عمرة التمتع ولا إحرام حج التمتع ولا إحرام العمرة المفردة إلاّ بالتلبية مقارنة للنية.
2 – الواجب من التلبية أن يقول الملبّي مرة واحدة لَبيّكَ اللّهمّ لَبيّكَ، لَبيّكَ لا شَريكَ لَكَ لَبيّكَ، إنَّ الحَمد والنِعمةَ لَكَ ، والمُلكَ لا شَريكَ لَكَ لَبيّكْ. ويستحب الإكثار منها وتكرارها كما تقدم.
3 – لا تشترط الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر في صحة الإحرام. فيصح الإحرام من المحدث بالأصغر أو المحدث بالأكبر كالمجنب والحائض والنفساء وغيرهم.
4 – يجزي غسل الإحرام في النهار للإحرام حتى آخر الليلة الآتية. ويجزي الغسل في الليل للإحرام حتى آخر النهار الآتي.
ويصحّ غسل الإحرام من الحائض والنفساء، وهو من الأغسال المشروعة (هذا عند أكثر الفقهاء، وقيل بوجوبه وإلى هذا القول ذهب الشيخ يوسف البحراني قدس سره) التي تجزي عن الوضوء بل عن مثل غسل الجنابة والحيض أيضاً، وينتقض بالحدث الأصغر فضلاً عن الحدث الأكبر.
ويمكن التخلص من هذا الإشكال عن طريق الإحرام بالنذر من المدينة المنورة فيصح الإحرام عند جميع الفقهاء.
6 – حصل الخلاف في من أراد الإحرام من طريق الطائف في تحديد موقع الميقات ، هل هو الواقع في منطقة الهدا أو هو الواقع في منطقة السيل الكبير ، ويمكن التخلص من هذا الإشكال على فتوى كل الفقهاء:
أ – إما بالإحرام من الهدا ثم تجديد الإحرام من السيل.
ب – وإما الإحرام بالنذر من موضع سابق عليهما أو من الأبعد منهما عن مكة وهو السيل أو ما قبله.
7 – يشترط في ثياب الإحرام ما يشترط في لباس المصلي من شروط الطهارة وغيرها. وإذا تنجس ثوب الإحرام بعد الإحرام بنجاسة غير معفوٍّ عنها في الصلاة فالأحوط وجوباً المبادرة إلى تبديله أو تطهيره. ولا يضرّ التأخير لعذر كعدم وصوله لمنزله ونحو ذلك.
8 – لا يجب على المحرم أن يلبس لباس الإحرام باستمرار. فيحق له أن يلقيه عن متنه متى شاء. وأن يبدله بآخر مثله متى شاء. كما يحق له أن يزيد على الثوبين للتحفظ من البرد وما شاكل.
وهي ما يزيد على العشرين منها ما يأتي: (الصيد البرّي) و(مجامعة النساء) و(تقبيل النساء) و(لمس المرأة) و(النظر إلى المرأة وملاعبتها) و(الاستمناء) و(عقد النكاح) و(استعمال الطيب) و(لبس المخيط أو ما بحكمه للرجل) و(التكحّل) و(النظر في المرآة) و(لبس الخفّ والجورب للرجال) و(الفسوق) و(المجادلة) و(قتل هوام الجسد) و(التزيّن) و(الادّهان) و(إزالة الشعر من البدن) و(ستر الرأس للرجال، وهكذا الإرتماس في الماء حتى على النساء) و(ستر الوجه للنساء) و(التظليل للرجال) و(إخراج الدم من البدن) و(تقليم الأظافر) و(قلع الضرس على قول) و(حمل السلاح).
وبعد أن تم الإحرام وجب على المحرم التوجه إلى مكة المكرمة لأداء بقية المناسك فيركب الرجل السيارة المكشوفة إلى مكة ، فلا يجوز له ركوب المسقفة ليلا ونهارا على الرأي المشهور.
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى جواز التظليل بركوب السيارة المسقفة أو الطائرة أو غيرهما ليلا (مع عدم هطول المطر فإذا أمطرت السماء وهو في الطريق كفاه إيقاف السيارة) أو نهارا مع عدم وجود الشمس أو المطر.
وبعد الوصول إلى مكة المكرمة يتوجه المعتمر قاصدا البيت الحرام ليطوف حول الكعبة المشرفة سبعة أشواط ابتداءً بالحجر الأسود وانتهاءً به.
يشترط فـي الطواف أمور:
1 – النية: بأن يقصد الطائف القربة مع الإخلاص فيقول مثلا: أطوف حول البيت سبعة أشواط لعمرة التمتع لحج الإسلام قربة إلى الله تعالى . ولا يشترط فيها التلفظ بل يكفي فيها القصد القلبي.
2 – الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغـر: والحدث الأكبر مثل الحيض والجنابة وأمثالهما مما يحتاج معه إلى الغسل. والحدث الأصغر مثل البول والغائط وأمثالهما مما يحتاج معه إلى وضوء.
ويحسن بي أن أشير هنا إلى أهمية أن يتأكد المكلف من صحة غسله ووضوئه وصلاته وأحكامها منذ بداية تكليفه. بيد أن هذا الأمر يتأكد أكثر قبل قيامه بأداء مناسك الحج. ويتم له التأكد ذاك بعرض كيفية أدائه لغسله ووضوئه وصلاته على من يثق بخبرته فيها ليضمن صحتها ودقة أدائه لها. وهناك في كل حملة من حملات الحج من يقوم بهذه المهمة. إضافة إلى العلماء والمبلغين والساعين والمتطوعين لخدمة ضيوف الرحمن الذين ينتظرون من ضيوف الرحمن أية خدمة ليتشرفوا بتأديتها لهم على أكمل وجه.
3 – طهارة الثوب والبدن من النجاسات.
4- الختان للرجال. 5- وستر العورة حال الطواف.
واجبات الطواف ثمانية هي:
1، 2 ـ الابتداء من الحجر الأسود والانتهاء به في كل شوط. ومن أجل أن يضمن الطائف كمال طوافه عليه أن يقف في الشوط الأول قبل الحجر بقليل وينوي أن يبدأ طوافه من أول ما يصادف كون الحجر على يساره تماماً. ثم يستمر في الدوران حول البيت سبعة أشواط حتى إذا وصل إلى الحجر في نهاية الشوط السابع تجاوزه قليلا. وبذلك يضمن أنه قد حقق الابتداء والانتهاء بالحجر على كل حال.
3 ـ جعل الكعبة على يساره في جميع أحوال الطواف. ولا حاجة للتدقيق في ذلك فإن النبي (ص) كان يطوف حول البيت راكبا على ناقته.
4 ـ أن يطوف الطائف خارج حجر إسماعيل (ع) دون أن يدخل فيه.
5 ـ أن يطوف الطائف خارج الكعبة وخارج الصُفّة التي في اطرافها والمسماة بـ (شاذروان الكعبة).
6 ـ أن يطوف حول الكعبة سبعة أشواط كما تقدم.
7 ـ أن يكون الطواف بين الكعبة المعظمة وبين مقام إبراهيم على فتوى المشهور من الفقهاء. ويجوز الطواف في الزائد عن ذلك عند البعض.
8 ـ أن يكون الطواف متوالياً دون فصل كثير جداً بين أجزائه. ويستثنى من ذلك موارد ذكرتها الرسائل العملية لا مجال لذكرها هنا.
وقيل: يجب أيضا أن تكون حركة الطائف حول الكعبة بإرادته واختياره حتى في الزحام الشديـد. بمعنى أن لا يسلب الإرادة والاختيار بالمرّة أثناء طوافه. ويكفي في تحقق الاختيار المعتبر في حركة الطائف أن يكون قادرا على الخروج من المطاف وإن لم يكن متمكناً من التوقف.
فإذا انتهى المحرم من طوافه قصد مقام إبراهيم (ع) ليؤدي صلاة الطواف من دون أن يفصل بين الطواف وصلاة الطواف بما يمنع من صدق التوالي بينهمــا عــرفاً على الأحوط وجوباً. (عشرة دقائق لا تضرُّ بالموالاة للاستراحة مثلا أو للبحث عن مكان لصلاة الطواف دون الاشتغال بعمل آخر كالصلاة قضاءً عن النفس أو نيابةً عن الغير، وأمثال ذلك).
صلاة الطواف ركعتان كصلاة الفجر ينوي فيها المصلي القربة الخالصة كأن يقول: أصلي صلاة الطواف لعمرة التمتع لحج التمتع قربة إلى الله تعالى . ولا يجب في النية التلفظ بل يكفي فيها القصد القلبي. ويتخير المصلي في صلاة الطواف بين الجهر والإخفات. والواجب أداء صلاة الطواف قريباً من مقام إبراهيم (ع) وفي الخلف منه. ومع عدم التمكن من ذلك فهناك حالتان:
أ – أن يتمكن الطائف من الصلاة قريباً من المقام في أحد جانبيه. وفي هذه الحالة الأحوط وجوباً عند بعض الفقهاء أداء الصلاة مرتين: مرة عند أحد جانبي المقام قريباً منه. ومرة أخري خلف المقام بعيداً عنه. ويكفي عند بعضهم أن يؤديها عند أحد الجانبين.
ب ـ أن لا يتمكن الطائف من الصلاة قريباً من المقام في أحد جانبيه.. وفي هذه الحالة يُكتفى منه بأداء الصلاة في أي موضع خلف المقام والأحوط الأولى أن يراعي الأقرب فالأقرب للمقام.
والمقصود بـ (عدم التمكن من أداء الصلاة قريباً من المقام) هو أن يجد الطائف زحاماً شديداً من الطائفين والمصلِّين في المنطقة القريبة من المقام بحيث لو أراد أن يؤدي الصلاة فيها باستقرار واطمئنان لوقع في حرج ومشقة بالغة.
هذا في صلاة الطواف الواجب. وأما صلاة الطواف المستحب فيجوز الإتيان بها في أي موضع من المسجد اختيارأ.
وهو الواجب الرابع من واجبات عمرة التمتع. فإذا انتهى المحرم من صلاة الطواف يستحب له أن يشرب من ماء زمزم قبل أن يخرج إلى الصفا. ويستحب له كذلك أن يخرج إلى الصفا من الباب الذي يقابل الحجر الأسود بسكينة ووقار. فإذا صعد علي الصفا نظر إلى الكعبة وتوجّه إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود فحمد الله واثني عليه وتذكّر آلاء الله ونعمه ثم يهبط من الصفا للقيام بالسعي. ويستحب للساعي أن يسعى ماشياً بوقار حتى يأتي محل المنارة الأولى فيهرول إلى محل المنارة الثانية. ولا هرولة على النساء.
1 ـ يجب في السعي قصد القربة الخالصة كأن يقول المحرم: أسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط لعمرة التمتع لحج التمتع قربة إلى الله تعالى . ولا يجب في النية التلفظ بل يكفي فيها القصد القلبي.
2 ـ لا يشترط في السعي الطهارة من الحدث بأن يكون الساعي متوضئا. ولا الطهارة من الخبث بأن لا يكون على بدنه أو ثوبه شيء من الدم أو نحوه. وإن كان الأفضل رعاية الطهارة فيه.
3 ـ السعي كالطواف سبعة أشواط يبتدئ الشوط الأول منه من الصفا وينتهي بالمروة ويبدأ الشوط الثاني من المروة وينتهي بالصفا. وهكذا إلى أن يتم السعي في الشوط السابع بالمروة.
4 ـ يعتبر في السعي استيعاب تمام المسافة الواقعة بين جبل الصفا وجبل المروة. ولا يجب الصعود عليهما وإن كان ذلك أولى وأحوط.
5 ـ يجب استقبال المروة عند الذهاب إليها من الصفا كما يجب استقبال الصفا عند الرجوع إليه من المروة. ولا يضرّ الالتفات بصفحة الوجه إلى اليمين أو اليسار أو الخلف أثناء الذهاب أو الإياب.
6 ـ الأحوط وجوباً أن لا يفصل الساعي بين أشواط السعي فصلاً طويلا كعشر دقائق مثلاً. ذلك أنه يخل ّبالتوالي بين الأشواط عرفًا. ولايضرّ جلوس المتعب على الصفا والمروة أثناء السعي للاستراحة. كما لا بأس بقطع السعي وقت الفريضة للصلاة ثم العودة إليه من موضع القطع بعد الفراغ من الصلاة.
7 ـ يجوز تأخير السعي بعد الفراغ من الطواف وصلاته لعدة ساعات بل إلى الليل للاستراحة من التعب أو لتخفيف شدة الحر. وإن كان الأولى المبادرة إلى السعي بعد الطواف وصلاته. ولا يجوز تأخير السعي إلي الغد في حال الاختيار.
8 ـ إذا شك الساعي في أثناء السعي في عدد أشواط سعيه جاز له الاستمرار في السعي مع وجود الشـك. فإذا ارتفع الشك وتأكد من أنه لم يزد ولم ينقص في سعيه صح سعيه ولا داعي للإعادة. وإذا استمر شكه حكم ببطلان سعيه.
9 ـ لا عبرة بالشك في عدد أشواط السعي أو في صحة هذه الأشواط بعد التجاوز كمن شك في ذلك بعد التقصير في العمرة أو حال طواف النساء في السعي للحج مثلا وهكذا.
10 ـ لا يجوز السعي في الطابق العلوي من المسعى لأنه سعي فوق الجبلين لا بينهما.
وهو الواجب الخامس والأخير من واجبات عمرة التمتع. فإذا انتهى الساعي من سعيه جاء دور التقصير.
1 ـ قصد القربة لله تعالى مع الخلوص كأن يقول المحرم: أقصِّر لعمرة التمتع قربة إلى الله تعالى . ولا يجب التلفظ بل يكفي القصد القلبي.
2 ـ قصُّ شيء من شعر الرأس أو اللحية أو الشارب..
3 ـ لا تجب المبادرة إلى التقصير بعد السعي مباشرة. ولا يجب التقصير في المسعى. بل يجوز التقصير في أي محل شاء سواء أكان ذلك في المسعى أم في المنزل أم في غيرهما من مواضع مكة.
4 ـ إذا قصّر المحرم حلّ له جميع ما كان حرم عليه منذ أن أحرم لعمرة التمتع.
5 ـ لا يجب طواف النساء في عمرة التمتع. بـل يجب في الحج والعمرة المفردة.
مع ملاحظة انه يمكن للمعتمر التقصير لنفسه إن أراد. ولكن لابد أن يكون قد قصّر أولا ثم يقصر للآخرين إذا طلبوا منه ذلك. وهكذا تنتهي عمرة التمتع ويبقى المكلف بانتظار يوم الحج.
واجبات (الحج) أو (حج التمتع) ثلاثة عشر وهي كما يأتي:
(الإحرام من مكة المكرمة) و(الوقوف بعرفات) و(الوقوف في المزدلفة) و(رمي جمرة العقبة في مني) و(الذبح أو النحر في مني) و(الحلق أو التقصير في مني) و(الطواف) و(صلاة الطواف) و(السعي) و(طواف النساء) و(صلاة طواف النساء) و(المبيت في مني) و(رمي الجمار في مني). وسأتناولها بالتفصيل تباعا:
الواجب الأول: إحرام الحج
الواجب الثاني:الوقوف بعرفات
الواجب الثالث: الوقوف بالمزدلفة
الواجب الرابع: رمي جمرة العقبة
الواجب الخامس: الذبح أو النحر
الواجب السادس: الحلق أو التقصير
الواجب السابع: طواف الحج
الواجب الثامن صلاة الطواف
الواجب التاسع: السعي
الواجب العاشر والواجب الحادي عشر طواف النساء وصلاته
الواجب الثاني عشر المبيت بمنى
الواجب الثالث عشر: رمي الجمار
ويجب إيقاعه في مكة المكرمة وأفضل أوقاته يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة الحرام عند الزوال. ويجوز تقديمه على هذا اليوم لمن شاء.
وأفضل مواضع الإحرام هو المسجد الحرام وأفضل مكان للإحرام منه هو حجر إسماعيل (ع) أومقام إبراهيم (ع). فبعد أن يرتدي المكلف ثوبي الإحرام يقصد القربة لله تعالى والإخلاص ثم ينوي الإحرام هكذا: أحرم لحج التمتع قربة إلى الله تعالى . ولا يجب التلفظ بالنية بل يكفي فيها القصد القلبي. ثم يشرع بالتلبية مقارنة للنية قائلاً: لَبيّكَ اللّهمّ لَبيّكَ، لَبيّكَ لا شَريكَ لَكَ لَبيّك .. ويستحب أن يزيد: إنَّ الحَمدَ والنِعمةَ لَكَ والمُلكْ، لا شَريكَ لَكْ . ويجوز أن يضيف: لَبيّك .
ثم يخرج المحرم من مكة الى منى – (7 كم) وعن غير طريق النفق (4 كم) – بسكينة ووقار ملبياً رافعا صوته منشغلاً بذكر الله عز وجل. ويستحب له المبيت في منى ليلة عرفة يقضيها في طاعة الله تبارك وتعــالي. والأفــضل أن تكون عباداته ولا سيما صلواته في مسجد الخيف ولـتكن صلاته في المسجد على بعد (30 ذراعا) من جميع جوانب المنارة التي في وسط المسجد فذلك مسجد النبي ومصلى الأنبياء الذين صلوا فيه قبله (ص). فاذا صلّى المحرم صلاة الفجر عقّب إلى طلوع الشمس ثم توجّه إلى عرفات ملبياً حتى يصلها.
ومن الجدير بالذكر أن الذهاب إلى منى والمبيت فيها ليلة التاسع من ذي الحجة الحرام هو من المستحبات التي يحسن فعلها ويثاب المرء عليها ولكنها ليست من الواجبات.
أخطاء قد يقع فيها بعض الحجاج في إحرام حج التمتع:
1 ـ يجب الإحرام لحج التمتع من أي موضع من مكة المكرمة القديمة ولذلك فيجب على الحاج الانتقال من مسكنه في (حى العزيزية مثلاً) إلى بعض الأحياء القديمة لغرض الإحرام للحج. وقيل: يجوز الإحرام في أي موضع من مكة بما في ذلك الأحياء المستحدثة باستثناء ما يقع منها خارج الحرم من جهة مسجد التنعيم. وقد يقع الحاج نتيجة للذهاب إلى مكة القديمة في بعض المحظورات الشرعية كأن يركب السيارة المسقفة بعد أن يحرم وهو غير جائز عند كثير من الفقهاء حتى في مكة المكرمة، فينبغي الالتفات إلى ذلك.
2 ـ يحرم البعض لحج التمتع في صباح يوم عرفة من المسجد الحرام حيث يخفّ الزحام حول الكعبة المشرفة فيحسب ذلك فرصة له لأداء طواف استحبابي. فيتوجه بعد الإحرام ليطوف. وهذا غير جائز على الأحوط. وإنما له أن يطوف أولاً ثم يحرم للحج. أما إذا أخطأ فطاف بعد الإحرام فالأحوط استحبابا أن يجدّد التلبية، وفي المسألة تفاصيل تراجع في الرسائل العملية كل على حسب تقليده.
3 ـ قد ينسى البعض بأن يأتي بالتلبية عندما يعقد نية الإحرام للحج ولا يتذكر إلاّ بعد الوصول إلى عرفات فيكتفي بأداء التلبية فيها. وهذا خطأ منه حيث أنه يجب عليه مع تمكنه العودة إلى مكة أن يعود إليها ليحرم منها. وإنما يجوز الإحرام في عرفات لمن لا يتمكن من العودة إلى مكة لضيق الوقت أو لعذر آخر.
إذا لم يتهيأ للمحرم الذهاب إلى منى ليلة التاسع من ذي الحجة الحرام وتهيأ له الذهاب إلى عرفات ليبيت فيها ليلة عرفة أو إذا قرر البقاء في مكة هذه الليلة. يجدر به أن يحييها ذاكراً الله عز وجلّ حامداً عابداً راكعاً ساجداً مستغفراً حتى إذا كان يوم التاسع من ذي الحجة قصد الحجيج ممن لم يببيتوا بعرفات أرض عرفات (21 كم عن مكة) ليقفوا بها.
ويقصد الفقهاء بالوقوف في عرفات (الحضور) بها من دون فرق بين أن يكون الشخص الحاضر راكباً أو راجلا أو واقفاً أو جالساً ساكناً أو متحركاً. ويجب الوقوف بعرفات ابتداءً من أول الزوال (الظهر) والى الغروب ناويا مع القربة والإخلاص هكذا: أقف بعرفات من زوال هذا اليوم إلى غروب الشمس لحج التمتع قربة إلى الله تعالى . وتحرم الإفاضة من عرفات قبل غروب الشمس (ذهاب الحمرة المشرقية حتى مع التأكد من سقوط القرص) للعالم العامد.
بعد أن ينتهي الحاج من الوقوف بعرفات يتوجّه إلى أداء الواجب الثالث من واجبات الحج بعد الوقوف بعرفات وهو الوقوف بالمزدلفة. والمزدلفة اسم لمكان يقال له المشعر الحرام كذلك (ويبعد 6 كم عن عرفات و14كم عن مكة) حيث على الحاج بعد الإفاضة من عرفات أن يبيت شطراً من ليلة العيد في المزدلفة حتى يصبح بها، والأحوط أن يبقى فيها إلى طلوع الشمس ويجوز أن يخرج منها إلى وادي محسر قبل الطلوع بقليل. ولا يجوز تجاوز الوادي قبل الطلوع. ويجب على الحاج أن ينوي بوقوفه القربة الخالصة لله تعالى فيقول مثلا: أبيت هذه الليلة بالمشعر الحرام لحج التمتع قربة إلى الله تعالى. ويكفي في النية القصد القلبي ولا يجب اللفظ.
من أحكام الوقوف بالمزدلفة
1 ـ المقصود بالوقوف في المزدلفة (الحضور) في المزدلفة من دون فرق بين أن يكون الحاج قائماً أو قاعداً أو نائماً أو ماشياً أو راكباً أو ما شاكل ذلك تماماً كالوقوف بعرفات.
2 ـ يستثنى من وجوب الوقوف بالمزدلفة بالمقدار السابـق: الخائف والصبيان والنساء والضعفاء الذين لايقوون على الانتظار أو الزحام والمرضى والذين يتولون شؤونهم. فإنه يجوز لهؤلاء الاكتفاء بالوقوف بها بعض الوقت ليلة العيد والإفاضة منها إلى منى، والإحتياط يقتضي عدم الإفاضة إلا بعد منتصف الليل.
3 ـ إذا لم يتيسر للحاج الوقوف بالمزدلفة ليلة العيد ولا بين طلوع الفجر وطلوع الشمس من يوم العيد لعذر من مرض أو نسيان أو جهل أو غير ذلك يجب على الحاج أن يقف فيها بعض الوقت ما بين طلوع الشمس إلى زوالها من يوم العيد. ولو تعمّد ترك ذلك بطل حجه على تفصيل في المقام يراجع في محله.
4 ـ يستحب للحاج أن يلتقط من المزدلفة سبعين حصاة لاستخدامها في رمي الجمار في يوم العيد وما بعده.
5 ـ يستحب الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في المزدلفة بأذان وإقامتين. وقيل يجب يجب تأخيرها إلى المشعر ما لم يمضي ثلث الليل. هذا كله ما لم يحصل الخوف من عدم القدرة على الصلاة في وقتها بسبب الزحام وإلا فإنه يصليها في عرفات ولا يؤخرها.
6 ـ يستحب إحياء هذه الليلة بالعبادة والدعاء بالمأثور وغيره.
بعد أن ينهي الحاج وقوفه في المشعر الحرام أو المزدلفـة يفيض منها إلى منى (6 كم) عن المشعر الحرام لأداء الأعمال الواجبة عليه هناك وهي ثلاثة: (رمي جمرة العقبة) ثم (الذبح أو النحر) ثم (الحلق أو التقصير) على التوالي.
1 ـ يجب أن يأتي الحاج بهذا الواجب بنية القربة لله تعالى مع الإخلاص فيقول: أرمي جمرة العقبة لحج التمتع قربة إلى الله تعالى . ويكفي في النية القصد القلبي ولا يجب التلفظ.
2 ـ يجب أن يكون الرمي بسبع حصيات. ويجب أن تكون أبكاراً (غير مستعملات في الرمي قبل ذلك). ويستحب في الحصى أن تكون ملونة ومنقطة وأن يكون حجمها بمقدار أنملة إصبع.
3 ـ يجب أن تكون الحصيات من حصى الحرم المكي عدا المسجد الحرام ومسجد الخيف وغيرهما من المساجـد. والأفضل أن تكون من المشعر الحرام (المزدلفة).
4 ـ يجب أن يكون رمي الحصيات بالتعاقب الواحدة تلو الأخري.
5 ـ يجب أن تصل الحصيات إلى الجمرة فلا يحسب الرامي منها الحصاة التي لا تصل إلى الجمرة.
6 ـ يجب أن يكون وصولها إلى الجمرة بسبب الرمي فلا يجزي وضعها عليها.
7 ـ يجب أن يكون الرمي بين طلوع الشمس وغروبها من يوم العيد ولو تعمّد الحاج ترك الرمي في هذه الفترة بطل حجـه.
8 ـ يستحب للحاج أن يرمي جمرة العقبة متوجهاً إليها وهو مستدبر للقبلة.
9 ـ يجزي النساء والضعفاء وسائر من رُخّص لهم الإفاضة من المشعر الحرام (المزدلفة) في الليل أن يرموا الجمرة في ليلة العيد إلاّ الذين يتولون شؤونهم فإنهم لا يجزيهم الرمي ليلا.
10 ـ إذا شك الحاج في إصابته للجمرة بني علي عدم إصابته لها إلاّ إذا كان الشك بعد الذبح أو الحلق أو دخول الليل فعندئذ لا يعتني الشاك بشكه.
11 ـ الأحوط وجوباً أن يرمي الحاج المقدار الذي كان سابقاً من الجمرة لا الزائد عليه. ويجزي الرمي بمقدار قامة إنسان بل أطول منها قليلاً. وعليه فالأحوط وجوباً عدم الاجتزاء بالرمي من الطابق العلوي.
سؤال : تقوم السلطات السعودية بإحداث جدار في موقع كل من الجمرات الثلاث في منى ، ووفق المخطط الهندسي ستكون الجمرة في وسط الجدار المستحدث الذي تزيد المسافة بين طرفيه الأيمن والأيسر علي عشرين مترا فالجمرة محاطة بهذا الجدار من جميع الجوانب إلا أن بعض مواضع الجدار وهو وسطه اقرب إلى الجمرة من سائر المواضع فما هو موقف الحاج في الرمي؟
الجواب : اذا تبيّن ان العمود السابق يقع في وسط الجدار المستحدث يكفي رمي وسط الجدار في الموضع الذي يقع العمود خلفه ملاصقا به او قريبا منه ، ويراعى في الجمرة الكبرى ان يكون الرمي في غير جهة خلفها علي الاحوط.
سؤال : قامت السلطات السعودية بإزالة الأعمدة التي کان يتشکل منها الجمرات الثلاثة في منى واستحدثت بدلا عنها جدرانا کل واحد منها بطول 25 مترا وعرض متر واحد وبارتفاع خمسة أمتار فما هو موقف الحجاج في الرمي؟
الجواب : إذا کان جزء من الجدار المستحدث يقع في مکان العمود السابق فلابد من رمي ذلك الجزء مع تيسّر تشخيصه ولو بالاستعانة بأهل الخبرة قبل أيام الرمي ، وإن لم يتيسّـر التشخيص فالأحوط لزوما رعاية الاحتياط بتکرار الرمي إلا ما يکون منه حرجيا أو ضرريا.